سعيد جلول – مدينة برشيد –
لقد هبت الجماهير من كل أنحاء مملكتنا الشريفة لتشجيع لاعبي المنتخب الوطني بدولة قطر الشقيقة و لتأكيد الحب السرمدي الذي يجمع بين مكونات المجتمع و حبهم للبلد الأم، فظهر لنا الأغنياء و السياسيون و الأمنييون و الدبلوماسيون جنبا الى جنب باقي الطبقات الاجتماعية الأخرى وكلهم يرددون نشيد علي الصقلي وأياديهَم تعانق الراية الحمراء وهي خفاقة، راقصة، منتشية بالانتصارات التي يحققها فريقنا المغوار بينما وقف الأعداء في الضفة الأخرى يشمتون و يذرفون الدموع حسدا و أسسوا لأنفسهم بيتا منزويا أهون من بيت العنكبوت و تناسوا قول الشاعر :
كل العداوات تزول
الا من عاداك عن حسد
وقد قالها المرحوم الحسن الثاني :(الله يكثر من حسادنا)
لأن الحاسد يظل يعيش العذاب و هو لا يدري بينما الناجح يحقق الطموحات وراء الانتصارات ولا يبالي بما يقوله الانذال ويصدق عليهم القول :المغرب يتجه الي تأكيد حضوره في المناسبات الرياضية و غيرها بينما قافلة الكلاب تنبح بؤسا و جوعا من قلة التربية و حسن الجوار الذي دعت اليه كل الشرائع السماوية و القوانين الوضعية ومادام الشيء بالشيء يذكر و ما أقرب اليوم بالأمس عندما قامت كل أطياف بلادنا تفرح بفوز فريق منتخب جارنا و ما حققه رغم أنه لم يرتق الى ما وصلنا اليه هذه الأيام و مازال العاطي يعطي و الراية تعلي ان شاء الله.
لقد شاهد العالم بأسره و شاهدنا نحن كذلك فرحة أمير دولة قطر العزيزة علينا وزادت مكانتها عند المغاربة و هو يلتحف و يرفع راية المملكة المغربية طربا و افتخارا بما حققه منتخبنا و الجميل في كل هذا وجود عائلة الأمير تميم و هي تشاركه و تشاركنا لحظات تاريخية ستظل محفورة و عالقة في ذاكرة كل العالم بحد السكين.
هو فوز و مفاجأة جعلت كل أطياف الشعب المغربي تخرج عن بكرة أبيها الى الشوارع و تخرج عبر مداشرنا و قرانا و فيافينا و الغريب في الأمر انهم أتوا من كل فج عميق لمشاهدة مباريات المدرب الركراكي ولا صوت يعلو فوق عبارات :كلنا مغاربة. الله. الوطن. الملك.
لقد صنع المغاربة ملحمة و عبروا عن معنى الفرح الحقيقي الذي افتقدناه منذ مونديال سنة 1986 الذي ذكرنا به اللاعب التيمومي و هو يشاهد المباريات عبر مدرجات ملاعب قطر لكن للأسف كان يجلس على كرسي متحرك وبجانبه بعض أفراد أسود ذلك الزمان الجميل الذي عاد ليزرع و يؤكد لنا مرة أخرى أن المغرب وطن و منتخب يستعصي على الكثير من الدول و بالأخص الحساد الذي كلما مدت لهم أيادي الصلح انفضوا من حولها ولبسوا عباية العار و مكر الإنسان الغدار.
جميل أن نر هذا الحب العجيب الذي جمع بين أبناء هذا الوطن الغالي على قلوبنا، جميل أن نشاهد اللحمة المغربية تعبر من شمالها الى جنوبها و من شرقها الى غربها، جميل أن نحس بهذا التلاحم بين كل مكونات الشعب تحت القيادة الرشيدة لقائد البلاد الملك محمد السادس.
لقد صنعوا ملحمة تاريخية سيتناقلها جيل وراء جيل، انها الساحرة المستديرة التي لم تخلف الوعد و كانت في الموعد، لقد تأكد بالملموس أن الرياضة تصنع العجائب ما لا تصنعه السياسة.
المهم من كل هذا أن نحس بجميع المسؤولين يقومون بعملهم كما يريد عاهل البلاد فكل واحد مستأمن فيما نسب اليه فحب الوطن ليس بالشعارات و رفع الأعلام و الهتاف الماكر بل نسعى إلى ترجمة ذلك على أرض الواقع وليس شعارات فضفاضة و متمنيات كاذبة.
عندما يخرج المواطن البسيط و العادي يجب أن يلمس الثقة التي أعطاها للمنتخب الجماعي من مشاريع تنموية و تجهيزات اجتماعية، أن يلق مستشفى يعالج فيه و مدرسة يتعلم فيها أبناؤه و حدائق غناء تروح عن نفسه اذا ضاق به الحال وأن تقع عيناه على نظافة المكان و اليد و الأبدان.
ان حب الأوطان ليس لعبة تمر هكذا أو فرحة تنسينا ما لنا وما علينا بل جد و اجتهاد، حقوق وواجبات، لقد حان الوقت لنرد الجميل لمغربنا الحبيب جزاء لما قدمه لنا و عرفانا بما قدمه شهداؤنا حتى تحريره و هذا ما قاله فقيد العروبة و الاستقلال المغفور له محمد الخامس طيب الله تراه:
(لقد خرجنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر).