سعيد كجعوط – برشيد –
ليعلم الجميع أن ليس كل التلاميذ يتجهون الى حصص دراستهم للتحصيل و الاجتهاد و تحقيق المبتغى كما هو مطلوب منهم، لكن المؤلم المبكي هو وجود قلة منهم اناثا و ذكورا يتركون الأقسام و يبحثون عن لذة عابرة كيفما كان محتواها بعيدا عن محتوى المقرر الدراسي.
وأنت تمر من أبواب المؤسسات التعليمية تقع عيناك على مناظر يندى لها الجبين و يشيب لها الولدان؛ شباب و شابات في مقتبل العمر يجلسون أمام أبواب العمارات و هم يتفحصون الهواتف الذكية، يتعانقون و يصرخون بأعلى صوت، قهقهاتهم تصل حتى الى آذان سكان الحي الذي توجد به مؤسساتهَم، كلام ساقط يتفوهون به دون احترام لحرمة المكان و حتى لمرور أي إنسان بقربهَم.
غير بعيد عن هذه التجمعات العشوائية يثير فضولك منظر البعض و هو يدخن السجائر دون اعتبار لوضعيته كتلميذ مازال في حاجة للنمو و ضرورة الحفاظ على صحته، و منهم من تصلك رائحة تدخينه للحشيش، كل هذا و الآباء و الأمهات في دار غفلون وترديد العبارة المشهورة :ولدي مشا يقرا، بنتي مسكينة مشات لقرايتها.
أيها الآباء ،أيتها الأمهات راقبوا فلذات أكبادكم!
صحيح أن العديد من الأسر منشغلة بالبحث عن لقمة العيش و بظروف أخرى لا يعلمها إلا هم ولكن هل فكرتم في مصير أبنائكم اذا ما وقعت الفأس في الرأس و تناهى إلى علمكم أن ابنكم تم القبض عليه بتهمة معينة كالسرقة مثلا او تناول المخدرات لا قدر الله، أو أن ابنتكم تم إيقافها مع شخص بالغ في شقة مفروشة وعند فحصها عند الطبيب تبين لكم أنها حامل ولكم أن تتصوروا حجم المأساة و القيل و القال وتتحول المصيبة الى سبة يتم ترديد أسطوانتها كلما وقع شجار او عراك بين الأسر و النهاية تعرفونها.
ان ما يقع خارج البيوت دون علم الأسر تجعلنا نتساءل :لماذا غاب دور الأسرة النووية عندما كان الجد يحكي حكما لاحفاده ويقدم نصائح لهم و العم يقوم مقام الأب البيولوجي في غيبته؛ فتكون زوجته أما للجميع ولم تكن تسمع غير :خويا و دادا و حنا و با العزيز، كلمات رنانة تشتم منها لغة الحب و الحنان العائليين و هكذا يتم تبادل الأدوار، فكانت الخالة أما عند وفاة اختها و العمة سندا و الأخ عضدا وحتى الجار كان المراقب و المفتي لابنائنا في الشارع و الحومة التي نقطن بها و هكذا دواليك.
ان كل ما ذكرناه غاب عن تربية ابنائنا وكرس لغة الأنانية و بعبارة أخرى (دخل سوق راسك) مما ولد ظواهر مشينة من التعاطي لكل أشكال المخدرات و ممارسة الرذيلة في أماكن مهجورة تحت طائلة الحريات الفردية و حق الطفل في التعبير عما يخالجه.
ان الواقع مر كالحنظل فيه الصالح و الطالح، فيه الزيت و الزفت، اننا نعيش في وسط كالغاب لا يعرف النصيحة و المنطق ، ذئاب هنا و هناك، ينتظرون القاسية من القطيع للانقضاض عليها دون رحمة و لا شفقة و ان كان هذا التعبير قاسيا لكنه مجازيا حتى تتضح الصورة و يفهم البعض لغة الحيوان التي تم استعمالها لتحقيق المعنى كما فعلها الأديب الجاحظ كأول من ألف الموسوعة عبر التاريخ البشري ليضرب الأمثال للناس و يأخذوا حذرهم و يربوا أبناءهم و يراقبوهم في كل صغيرة و كبيرة .
أيها الآباء افتحوا دفاتر وكتب أبنائكم و بناتكم لتعلموا الدروس التي حضروها و الواجبات التي أنجزوها، تواصلوا مع الأطر الإدارية و التربوية لتأخذوا فكرة عن مستواهم الدراسي و السؤال عن مواظبتهَم ومدى استقامة سلوكهم داخل الفضاء المدرسي.
راقبوا من بعيد تحركاتهم، رفقاءهم، أصدقاءهَم، اجلسوا معهم، انصتوا إليهم، انصحوهم، اجعلوا مرسول الحب بينكم و بينهم هو الثقة المتبادلة، اذا أخطأوا لا تعاقبوهَم بل بينوا لهم الصواب حتى لا يقعوا مرة أخرى في المستنقع و المحظور ، لا تجعلوا سلطة الاستبداد و التسلط و السوط تحكم علاقاتكم بل دعوهم يصارحونكم بما يحسون و تذكروا قولة القائل :ربوا أبناءكم لغير زمانكم لكن بشرط الحفاظ على القيم و الأخلاق لأننا فعلا نعاني أزمة قيم.